تفاصيل عن المحاكمة وظروفها وملابساتها
وتفاصيل عن إصابات للمعتقلين مباشرة بعد انتهاء الجلسة الأولى
4 نوفمبر 2010
في قضية ما أسمته السلطة بـ "الشبكة التنظيمية"، يعبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه لاستمرار تعرض المعتقلين للتعذيب وإساءة المعاملة على يد عناصر جهاز الأمن الوطني، وذلك انتقاما منهم بعد إدلائهم بشهاداتهم في أولى جلسات محاكماتهم يوم 28 أكتوبر المنصرم، حول تعرضهم للتعذيب[1] المستمر منذ اعتقالهم قبل حوالي 3 شهور، بهدف إجبارهم على الإقرار زورا بتهم لم يقترفوها.
استمرار التعذيب وتجاهل قرار المحكمة
أفاد بعض الأهالي[2] الذين تمكنوا من زيارة أقاربهم المعتقلين بعد المحاكمة، بتعرض أبنائهم لتعذيب شديد من جديد وذلك مباشرة بعد انتهاء جلسة المحكمة الأولى حيث أدلوا بشهادتهم أمام القاضي هناك، الأمر الذي أدى بغياب البعض منهم أثناء الزيارة الأسبوعية واللقاء بأسرهم في محاولة من قبل جهاز الأمن الوطني لإخفاء الآثار التي يُعتقد بأنهم أصيبوا بها جراء التعذيب.
فقد تعرض المعتقل (..1..)[3] للضرب الشديد على أذنيه ورجليه وكذلك التعليق بالفلقة لدرجة نتج عنه تورم شديد في رجله من شدة الضرب جعل من الصعب عليه انتعال الحذاء. وكان واضحا انه يعاني من آلام في رجليه وركبتيه عند الزيارة نتيجة لتعرضه للتعذيب، كما بدت آثار القيود واضحة حول معصميه رغم تغطيتهما بملابس ذات أكمام طويلة ومحاولته الجلوس مكتوف الأيدي طوال الوقت وكأنه مأمور بأن يجلس بهذه الطريقة ومراقب لضمان إخفاء آثار القيود على يديه أمام زائريه.
وتعرض المعتقل (..2..) لتحرشات جنسية ومحاولة إدخال قضيب بلاستيكي في دبره حسب ما أفادت به أسرته لمركز البحرين لحقوق الإنسان، كما تعرض للضرب الشديد على أذنيه، وقد كان الشعور بالألم واضحا عليه حيث بدا ماسكا أذنيه طوال وقت الزيارة، ولم يكن يستطيع الجلوس بصورة طبيعية نتيجة ما أصاب مؤخرته من أضرار. ولم يكن بإمكانه الوقوف على رجليه، وكان يمسك بركبتيه ويدلكهما من شدة الألم نتيجة لما يعتقد من تعرضه للضرب على قدميه والتعليق لفترات طويلة بطريقة الفلقة، كما تم منع أطفاله هذه المرة من اللقاء به إذ أبقوهم خارج مكان الزيارة.
أما المعتقل (..3..) فكانت آثار الضرب المبرح بادية على وجهه المحمرّ وعلى أجزاء من يديه بالإضافة إلى آثار قيود المعصمين الدالة على فترات تعليق طويلة ويبدو أنها أزيلت من يديه قبل الزيارة بقليل. وتم طرد عائلة المعتقل (..4..) بعد أقل من خمس دقائق إثر محاولة المعتقل الكشف عن آثار التعذيب في صدره لأسرته فلاحظه المتواجدون هناك من أفراد جهاز الأمن الوطني. وتم طرد أسرة المعتقل (..5..) وإنهاء زيارتهم بعد مرور دقيقة واحدة فقط بسبب سؤالهم للمعتقل بشكل عفوي عن سبب عدم تغيير مكان الاحتجاز كما طلب القاضي في الجلسة الأولى للمحاكمة.
كما لوحظ على المعتقل (..6..) أنه كان يتألم بشدة من ظهره، مما تعذر احتضانه من قبل أطفاله من شدة الألم، كما لوحظ متألما وماسكا ركبتيه، ويعود سبب ذلك في الغالب إلى التعليق لفترات طويلة بطريقة الفلقة. ولا يزال المعتقل فاقد السمع من إذنه اليسرى بعد تمزق طبلتها نتيجة الضرب المتواصل عليها.
وقد بدت على غالبية المعتقلين آثار التعذيب والتعرض للضرب المبرح على باطن القدمين بدرجة جعلت غالبيتهم لا يستطيعون المشي بصورة طبيعية. كما أن آثار قيود المعصمين من التعليق كانت بادية بوضوح على أيديهم وكانوا يمسكون ويدلكون ركبهم طوال الوقت الأمر الذي يشير إلى تعرض غالبيتهم للتعليق بطريقة الفلقة لفترات طويلة. كما لوحظت علامات احمرار شديدة في منطقتي الأذن والخدين جراء الضرب.
وقد بدا على المعتقلين أثناء زيارة أقاربهم الخوف والفزع وبالخصوص من أحد أفراد الأمن الوطني والذي يعتقد أنه أحد المعذبين وهو الذي يرافق المتهمين دائما أثناء زيارات الأهالي القصيرة التي سمح بها مؤخرا وكذلك أثناء جلسات المحكمة. وقد تم تهديد المعتقلين أمام أعين أهاليهم أثناء الزيارة "بالضرب إذا ما تجرأوا على الحديث عن التعذيب مجددا". وكان جميع أفراد جهاز الأمن الوطني المتواجدين في غرف الزيارة يضعون على أعينهم نظارات سوداء كبيرة على غير العادة وذلك فيما يبدو من أجل إضفاء الفزع والخوف في نفوس المعتقلين وأهاليهم إلى جانب إخفاء ملامح وجوههم.
وقد حصل المركز على معلومات تفيد بتعرض المعتقلين للتعذيب بواسطة كرسي ذا تأثير كهربائي عصبي حيث يجبر المعتقل على الجلوس على الكرسي لمدة معينة وعندما يطلب منه الوقوف بعدها فأنه لا يستطيع ذلك وينهار مباشرة. وهو أحد أساليب التعذيب الجديدة التي لا تترك آثاراً على جسد ضحية التعذيب.
قرارات القاضي لا وزن لها عند الجهات الأمنية
وحتى وقت كتابة هذا التقرير وبعد أكثر من أسبوع من جلسة المحكمة الأولى ظلت كل قرارات القاضي حبر على ورق غير مأخوذ بها من قبل جهاز الأمن الوطني أو النيابة العامة. فلم يتم نقل المعتقلين إلى سجن آخر تابع لوزارة الداخلية عوضاً عن التوقيف في عهدة الأمن الوطني، ولم يتم إخراجهم من الحبس الانفرادي ولم يتم التوقف عن التعذيب بل ازداد، ولم يسمح للمحاميين بلقاء المعتقلين حتى الان ولم يتم عرض المتهمين على فريق طبي مستقل طبقاً لقرار قاضي المحكمة في 28 أكتوبر الماضي . وقد لاحظ الأهالي بعد انتهاء الزيارة خروج المعتقلين جميعا وهم مكدسين على بعضهم في سيارة من سجن (الحوض الجاف) مما يعني في إنهم يقبعون في سجن أخر عن ذلك الذي تمت فيه الزيارة، ويعتقد إنهم في سجن تحت الأرض تابع لجهاز الأمن الوطني. ويعزو المركز سبب استمرار منع المحامين عن لقاء موكليهم المعتقلين إلى محاولة السلطة منع انتشار أخبار التعذيب وإساءة المعاملة خصوصا مع إمكانية خروجها للعلن كما حصل بعد جلسات التحقيق التي حضر المحامون بعضها في النيابة العامة.
تغيير لائحة الاتهام للمرة الثانية
يُذكر أن محاكمة 23 معتقلاً من النشطاء والرموز السياسيين والدينيين بالإضافة إلى متهمين اثنين آخرين يحاكمان غيابياُ قد بدأت في 28 أكتوبر الماضي[4] أمام محكمة الجنايات الكبرى الثالثة وهي مخصصة للمعارضين السياسيين والنشطاء، وبصفتهم المتهمين الرئيسيين فيما يعرف بقضية "الشبكة التنظيمية"، ليواجهوا تهماً تتراوح بين "تأسيس جماعة على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين (..) وكان الإرهاب من وسائل عملها" والتجمهر، و التحريض على كراهية النظام وإذاعة الأخبار الكاذبة. في حين تم إسقاط تهمة "محاولة قلب نظام الحكم" وذلك بعد أن نُشرت وروج لها طوال الفترة الماضية مرفقة مع صورة المعتقلين وبياناتهم في التلفزيون والصحافة في حملة استهدفت تشويه صورتهم، وأيضاً بعد إعلان النيابة العامة أن بعض المتهمين قد اعترفوا بالتهم الموجهة لهم[5] ، ومن بينها هذه التهمة التي تم إلغاءها لاحقاً، الأمر الذي يشير من جديد إلى حدوث تعذيب لنزع الاعترافات بتهم غير حقيقية. وهذه هي المرة الثانية على الأقل التي تعمد فيها النيابة إلى تغيير وتعديل لائحة الاتهام، وذلك بعد أن قامت بإلغاء تهمة "الاتصال بمنظمات خارجية" في سبتمبر الماضي[6] خاصة مع تصاعد تصريحات المؤسسات الحقوقية والجهات الدولية والدبلوماسية التي انتقدت هذه الحملة والتهم التي هي من صلب عمل المدافعين عن حقوق الإنسان.
شهادات المعتقلين أمام المحكمة بحضور مراقبين دوليين
وفي جلسة المحكمة وبحضور دبلوماسيين وممثلين للسفارات الأوروبية والأمريكية بالإضافة إلى ممثلي منظمة العفو الدولية تحدث المعتقلون الـ 23 أمام القاضي بالتفصيل عن التعذيب الذي تعرضوا له منذ لحظة اعتقالهم في منتصف أغسطس الماضي، وقالوا أنهم محتجزين في زنزانات انفرادية، وتحدثوا عن صنوف التعذيب التي تعرضوا لها، ومنها التعليق من اليدين والرجلين (الفلقة) والضرب والشتم والتوقيف أياما والحرمان من النوم والمنع من أداء الصلاة وصيام شهر رمضان وشتم مقدساتهم الدينية والتهديد بالاعتداء على أعراضهم. وأكد بعضهم تعرضه للاعتداء الجنسي والتعرية الكاملة من الملابس لعدة أيام متواصلة. وكشف المعتقلون أمام المحكمة بأنه قد تم تهديدهم بالعودة إلى تعذيبهم بشكل مضاعف إذا ما تحدثوا للمحكمة عن التعذيب الذي تعرضوا له. ونفى السجناء جميعهم التهم الموجهة إليهم وقالوا أنهم وقعوا إفادات مزورة تحت التعذيب. وطالبوا المحكمة بضمان عدم تعرضهم للمزيد من التعذيب، في حين اشتكى المحامون من حرمانهم من اللقاء بموكليهم حيث لم يسمح لهم بالانفراد بهم منذ اعتقالهم إلى وقت المحاكمة إلا لمدة 30 دقيقة قُبَيل بدء الجلسة، الأمر الذي دعى القاضي إلى إصدار قراره بنقل المعتقلين إلى سجن آخر وهذا ما لم يحصل حتى الآن.
صورة عرضها تلفزيون البحرين لعبدالجليل السنقيس في السجن ويظهر فيها بدون نظاراته التي يستعملها بشكل دائم
منع الأهالي وممثلي المنظمات المحلية والدولية البحرينيين من حضور المحاكمة
وفي حين نشرت السلطات البحرينية في وسائل الإعلام أن المحاكمة ستكون علنية ومفتوحة للجميع إلا أنها منعت ممثلين بحرينيين لمنظمات محلية ودولية من الحضور ومنهم ممثل مركز البحرين لحقوق الإنسان والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان والناشطة النسائية غادة جمشير بالإضافة إلى ممثل منظمة (هيومن رايتس ووتش) نبيل رجب. كذلك منعت أهالي المعتقلين من الدخول عدا فرد واحد من عائلة كل معتقل. لكن تم السماح لمندوبي منظمة العفو الدولية وبعض السفارات الغربية في البحرين من الحظور.
نبيل رجب يعرض رسالة تمثيله لمنظمة هيومن رايتس ووتش لأحد الصحفيين حيث تم منعه من حضور المحاكمة
محاكمة المعتقلين بناء على قانون الإرهاب المدان دوليا
وتجري محاكمة هؤلاء النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والرموز الدينيين وفقا لقانون الإرهاب المدان دولياً من قبل عدة منظمات دولية على رأسها المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، ومنظمة العفو الدولية، و لجنة المحلفين الدولية، و منظمة (هيومن رايتس ووتش)، حيث أن أحكام قانون مكافحة الإرهاب الفضفاضة والغامضة تسمح للحكومة بتجريم حقوق أصيلة مثل الحق في حرية التعبير والحق في تكوين الجمعيات.
حضر النشر ومنع الاحتجاج السلمي أمام المحكمة
وقد تم منع المصورين من الدخول إلى قاعة المحكمة، وأما بعض الصحفيين الذين سمح لهم بالدخول فأعطيت لهم تعليمات بعدم نقل أي من مجريات المحاكمة إلى الخارج، ولا يزال حظر نشر أخبار القضية محلياً ساريا إلا تلك الإخبار الرسمية التي تدين المعتقلين. وقد منعت السلطة اعتصاماً سلمياً لأهالي المعتقلين ومجموعة من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان أمام المحكمة، حيث أجبرت العديد من الشباب والرجال على المغادرة، وفرضت على المطاعم والمقاهي القريبة من المحكمة أن تخرج زبائنها و تغلق أبوابها مؤقتا.
بناء على ما سلف يطالب مركز البحرين لحقوق الإنسان من جميع الجهات المعنية بما في ذلك الجمعيات والمنظمات المحلية والدولية بالسعي لدى السلطات البحرينية ومطالبتها بالتالي:
1. الوقف الفوري للتعذيب المنظم من قبل جهاز الأمن الوطني، وحل هذا الجهاز، وتقديم المسئولين عنه للمحاكمة العلنية، وتعويض المتضررين من انتهاكاته. مع النقل الفوري لجميع المعتقلين من عهدة هذا الجهاز
2. السماح للمعتقلين بالاتصال واللقاء المنفرد بالمحامين لوقت كاف لأن ذلك من حقوقهم الأصلية وهي ما تحد من تواصل التعذيب
3. إطلاق سراح جميع المعتقلين فورا وخصوصا النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان لأنهم اعتُقِلوا لأسباب تتعلق بممارستهم لحقوقهم الأساسية في التعبير والتنظيم والتجمع السلمي والتي تضمنها لهم القوانين الدولية
4. وقف العمل فورا بقانون الإرهاب الذي يسمح بالاعتقال التعسفي والتعذيب والمحاكمات غير العادلة، والذي تمت إدانته بشكل صريح من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية
5. إلغاء محكمة الجنايات الكبرى الثالثة والتي تم تشكيلها لتحل محل محكمة أمن الدولة بالتخصص في قضايا النشطاء المعارضين والحقوقيين وهو ما يتعارض مع معايير المحاكمة العادلة التي تتطلب حق المتهم في المحاكمة أمام المحاكم الاعتيادية.
وتفاصيل عن إصابات للمعتقلين مباشرة بعد انتهاء الجلسة الأولى
4 نوفمبر 2010
في قضية ما أسمته السلطة بـ "الشبكة التنظيمية"، يعبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه لاستمرار تعرض المعتقلين للتعذيب وإساءة المعاملة على يد عناصر جهاز الأمن الوطني، وذلك انتقاما منهم بعد إدلائهم بشهاداتهم في أولى جلسات محاكماتهم يوم 28 أكتوبر المنصرم، حول تعرضهم للتعذيب[1] المستمر منذ اعتقالهم قبل حوالي 3 شهور، بهدف إجبارهم على الإقرار زورا بتهم لم يقترفوها.
استمرار التعذيب وتجاهل قرار المحكمة
أفاد بعض الأهالي[2] الذين تمكنوا من زيارة أقاربهم المعتقلين بعد المحاكمة، بتعرض أبنائهم لتعذيب شديد من جديد وذلك مباشرة بعد انتهاء جلسة المحكمة الأولى حيث أدلوا بشهادتهم أمام القاضي هناك، الأمر الذي أدى بغياب البعض منهم أثناء الزيارة الأسبوعية واللقاء بأسرهم في محاولة من قبل جهاز الأمن الوطني لإخفاء الآثار التي يُعتقد بأنهم أصيبوا بها جراء التعذيب.
فقد تعرض المعتقل (..1..)[3] للضرب الشديد على أذنيه ورجليه وكذلك التعليق بالفلقة لدرجة نتج عنه تورم شديد في رجله من شدة الضرب جعل من الصعب عليه انتعال الحذاء. وكان واضحا انه يعاني من آلام في رجليه وركبتيه عند الزيارة نتيجة لتعرضه للتعذيب، كما بدت آثار القيود واضحة حول معصميه رغم تغطيتهما بملابس ذات أكمام طويلة ومحاولته الجلوس مكتوف الأيدي طوال الوقت وكأنه مأمور بأن يجلس بهذه الطريقة ومراقب لضمان إخفاء آثار القيود على يديه أمام زائريه.
وتعرض المعتقل (..2..) لتحرشات جنسية ومحاولة إدخال قضيب بلاستيكي في دبره حسب ما أفادت به أسرته لمركز البحرين لحقوق الإنسان، كما تعرض للضرب الشديد على أذنيه، وقد كان الشعور بالألم واضحا عليه حيث بدا ماسكا أذنيه طوال وقت الزيارة، ولم يكن يستطيع الجلوس بصورة طبيعية نتيجة ما أصاب مؤخرته من أضرار. ولم يكن بإمكانه الوقوف على رجليه، وكان يمسك بركبتيه ويدلكهما من شدة الألم نتيجة لما يعتقد من تعرضه للضرب على قدميه والتعليق لفترات طويلة بطريقة الفلقة، كما تم منع أطفاله هذه المرة من اللقاء به إذ أبقوهم خارج مكان الزيارة.
أما المعتقل (..3..) فكانت آثار الضرب المبرح بادية على وجهه المحمرّ وعلى أجزاء من يديه بالإضافة إلى آثار قيود المعصمين الدالة على فترات تعليق طويلة ويبدو أنها أزيلت من يديه قبل الزيارة بقليل. وتم طرد عائلة المعتقل (..4..) بعد أقل من خمس دقائق إثر محاولة المعتقل الكشف عن آثار التعذيب في صدره لأسرته فلاحظه المتواجدون هناك من أفراد جهاز الأمن الوطني. وتم طرد أسرة المعتقل (..5..) وإنهاء زيارتهم بعد مرور دقيقة واحدة فقط بسبب سؤالهم للمعتقل بشكل عفوي عن سبب عدم تغيير مكان الاحتجاز كما طلب القاضي في الجلسة الأولى للمحاكمة.
كما لوحظ على المعتقل (..6..) أنه كان يتألم بشدة من ظهره، مما تعذر احتضانه من قبل أطفاله من شدة الألم، كما لوحظ متألما وماسكا ركبتيه، ويعود سبب ذلك في الغالب إلى التعليق لفترات طويلة بطريقة الفلقة. ولا يزال المعتقل فاقد السمع من إذنه اليسرى بعد تمزق طبلتها نتيجة الضرب المتواصل عليها.
وقد بدت على غالبية المعتقلين آثار التعذيب والتعرض للضرب المبرح على باطن القدمين بدرجة جعلت غالبيتهم لا يستطيعون المشي بصورة طبيعية. كما أن آثار قيود المعصمين من التعليق كانت بادية بوضوح على أيديهم وكانوا يمسكون ويدلكون ركبهم طوال الوقت الأمر الذي يشير إلى تعرض غالبيتهم للتعليق بطريقة الفلقة لفترات طويلة. كما لوحظت علامات احمرار شديدة في منطقتي الأذن والخدين جراء الضرب.
وقد بدا على المعتقلين أثناء زيارة أقاربهم الخوف والفزع وبالخصوص من أحد أفراد الأمن الوطني والذي يعتقد أنه أحد المعذبين وهو الذي يرافق المتهمين دائما أثناء زيارات الأهالي القصيرة التي سمح بها مؤخرا وكذلك أثناء جلسات المحكمة. وقد تم تهديد المعتقلين أمام أعين أهاليهم أثناء الزيارة "بالضرب إذا ما تجرأوا على الحديث عن التعذيب مجددا". وكان جميع أفراد جهاز الأمن الوطني المتواجدين في غرف الزيارة يضعون على أعينهم نظارات سوداء كبيرة على غير العادة وذلك فيما يبدو من أجل إضفاء الفزع والخوف في نفوس المعتقلين وأهاليهم إلى جانب إخفاء ملامح وجوههم.
وقد حصل المركز على معلومات تفيد بتعرض المعتقلين للتعذيب بواسطة كرسي ذا تأثير كهربائي عصبي حيث يجبر المعتقل على الجلوس على الكرسي لمدة معينة وعندما يطلب منه الوقوف بعدها فأنه لا يستطيع ذلك وينهار مباشرة. وهو أحد أساليب التعذيب الجديدة التي لا تترك آثاراً على جسد ضحية التعذيب.
قرارات القاضي لا وزن لها عند الجهات الأمنية
وحتى وقت كتابة هذا التقرير وبعد أكثر من أسبوع من جلسة المحكمة الأولى ظلت كل قرارات القاضي حبر على ورق غير مأخوذ بها من قبل جهاز الأمن الوطني أو النيابة العامة. فلم يتم نقل المعتقلين إلى سجن آخر تابع لوزارة الداخلية عوضاً عن التوقيف في عهدة الأمن الوطني، ولم يتم إخراجهم من الحبس الانفرادي ولم يتم التوقف عن التعذيب بل ازداد، ولم يسمح للمحاميين بلقاء المعتقلين حتى الان ولم يتم عرض المتهمين على فريق طبي مستقل طبقاً لقرار قاضي المحكمة في 28 أكتوبر الماضي . وقد لاحظ الأهالي بعد انتهاء الزيارة خروج المعتقلين جميعا وهم مكدسين على بعضهم في سيارة من سجن (الحوض الجاف) مما يعني في إنهم يقبعون في سجن أخر عن ذلك الذي تمت فيه الزيارة، ويعتقد إنهم في سجن تحت الأرض تابع لجهاز الأمن الوطني. ويعزو المركز سبب استمرار منع المحامين عن لقاء موكليهم المعتقلين إلى محاولة السلطة منع انتشار أخبار التعذيب وإساءة المعاملة خصوصا مع إمكانية خروجها للعلن كما حصل بعد جلسات التحقيق التي حضر المحامون بعضها في النيابة العامة.
تغيير لائحة الاتهام للمرة الثانية
يُذكر أن محاكمة 23 معتقلاً من النشطاء والرموز السياسيين والدينيين بالإضافة إلى متهمين اثنين آخرين يحاكمان غيابياُ قد بدأت في 28 أكتوبر الماضي[4] أمام محكمة الجنايات الكبرى الثالثة وهي مخصصة للمعارضين السياسيين والنشطاء، وبصفتهم المتهمين الرئيسيين فيما يعرف بقضية "الشبكة التنظيمية"، ليواجهوا تهماً تتراوح بين "تأسيس جماعة على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين (..) وكان الإرهاب من وسائل عملها" والتجمهر، و التحريض على كراهية النظام وإذاعة الأخبار الكاذبة. في حين تم إسقاط تهمة "محاولة قلب نظام الحكم" وذلك بعد أن نُشرت وروج لها طوال الفترة الماضية مرفقة مع صورة المعتقلين وبياناتهم في التلفزيون والصحافة في حملة استهدفت تشويه صورتهم، وأيضاً بعد إعلان النيابة العامة أن بعض المتهمين قد اعترفوا بالتهم الموجهة لهم[5] ، ومن بينها هذه التهمة التي تم إلغاءها لاحقاً، الأمر الذي يشير من جديد إلى حدوث تعذيب لنزع الاعترافات بتهم غير حقيقية. وهذه هي المرة الثانية على الأقل التي تعمد فيها النيابة إلى تغيير وتعديل لائحة الاتهام، وذلك بعد أن قامت بإلغاء تهمة "الاتصال بمنظمات خارجية" في سبتمبر الماضي[6] خاصة مع تصاعد تصريحات المؤسسات الحقوقية والجهات الدولية والدبلوماسية التي انتقدت هذه الحملة والتهم التي هي من صلب عمل المدافعين عن حقوق الإنسان.
شهادات المعتقلين أمام المحكمة بحضور مراقبين دوليين
وفي جلسة المحكمة وبحضور دبلوماسيين وممثلين للسفارات الأوروبية والأمريكية بالإضافة إلى ممثلي منظمة العفو الدولية تحدث المعتقلون الـ 23 أمام القاضي بالتفصيل عن التعذيب الذي تعرضوا له منذ لحظة اعتقالهم في منتصف أغسطس الماضي، وقالوا أنهم محتجزين في زنزانات انفرادية، وتحدثوا عن صنوف التعذيب التي تعرضوا لها، ومنها التعليق من اليدين والرجلين (الفلقة) والضرب والشتم والتوقيف أياما والحرمان من النوم والمنع من أداء الصلاة وصيام شهر رمضان وشتم مقدساتهم الدينية والتهديد بالاعتداء على أعراضهم. وأكد بعضهم تعرضه للاعتداء الجنسي والتعرية الكاملة من الملابس لعدة أيام متواصلة. وكشف المعتقلون أمام المحكمة بأنه قد تم تهديدهم بالعودة إلى تعذيبهم بشكل مضاعف إذا ما تحدثوا للمحكمة عن التعذيب الذي تعرضوا له. ونفى السجناء جميعهم التهم الموجهة إليهم وقالوا أنهم وقعوا إفادات مزورة تحت التعذيب. وطالبوا المحكمة بضمان عدم تعرضهم للمزيد من التعذيب، في حين اشتكى المحامون من حرمانهم من اللقاء بموكليهم حيث لم يسمح لهم بالانفراد بهم منذ اعتقالهم إلى وقت المحاكمة إلا لمدة 30 دقيقة قُبَيل بدء الجلسة، الأمر الذي دعى القاضي إلى إصدار قراره بنقل المعتقلين إلى سجن آخر وهذا ما لم يحصل حتى الآن.
صورة عرضها تلفزيون البحرين لعبدالجليل السنقيس في السجن ويظهر فيها بدون نظاراته التي يستعملها بشكل دائم
منع الأهالي وممثلي المنظمات المحلية والدولية البحرينيين من حضور المحاكمة
وفي حين نشرت السلطات البحرينية في وسائل الإعلام أن المحاكمة ستكون علنية ومفتوحة للجميع إلا أنها منعت ممثلين بحرينيين لمنظمات محلية ودولية من الحضور ومنهم ممثل مركز البحرين لحقوق الإنسان والجمعية البحرينية لحقوق الإنسان والناشطة النسائية غادة جمشير بالإضافة إلى ممثل منظمة (هيومن رايتس ووتش) نبيل رجب. كذلك منعت أهالي المعتقلين من الدخول عدا فرد واحد من عائلة كل معتقل. لكن تم السماح لمندوبي منظمة العفو الدولية وبعض السفارات الغربية في البحرين من الحظور.
نبيل رجب يعرض رسالة تمثيله لمنظمة هيومن رايتس ووتش لأحد الصحفيين حيث تم منعه من حضور المحاكمة
محاكمة المعتقلين بناء على قانون الإرهاب المدان دوليا
وتجري محاكمة هؤلاء النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والرموز الدينيين وفقا لقانون الإرهاب المدان دولياً من قبل عدة منظمات دولية على رأسها المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، ومنظمة العفو الدولية، و لجنة المحلفين الدولية، و منظمة (هيومن رايتس ووتش)، حيث أن أحكام قانون مكافحة الإرهاب الفضفاضة والغامضة تسمح للحكومة بتجريم حقوق أصيلة مثل الحق في حرية التعبير والحق في تكوين الجمعيات.
حضر النشر ومنع الاحتجاج السلمي أمام المحكمة
وقد تم منع المصورين من الدخول إلى قاعة المحكمة، وأما بعض الصحفيين الذين سمح لهم بالدخول فأعطيت لهم تعليمات بعدم نقل أي من مجريات المحاكمة إلى الخارج، ولا يزال حظر نشر أخبار القضية محلياً ساريا إلا تلك الإخبار الرسمية التي تدين المعتقلين. وقد منعت السلطة اعتصاماً سلمياً لأهالي المعتقلين ومجموعة من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان أمام المحكمة، حيث أجبرت العديد من الشباب والرجال على المغادرة، وفرضت على المطاعم والمقاهي القريبة من المحكمة أن تخرج زبائنها و تغلق أبوابها مؤقتا.
بناء على ما سلف يطالب مركز البحرين لحقوق الإنسان من جميع الجهات المعنية بما في ذلك الجمعيات والمنظمات المحلية والدولية بالسعي لدى السلطات البحرينية ومطالبتها بالتالي:
1. الوقف الفوري للتعذيب المنظم من قبل جهاز الأمن الوطني، وحل هذا الجهاز، وتقديم المسئولين عنه للمحاكمة العلنية، وتعويض المتضررين من انتهاكاته. مع النقل الفوري لجميع المعتقلين من عهدة هذا الجهاز
2. السماح للمعتقلين بالاتصال واللقاء المنفرد بالمحامين لوقت كاف لأن ذلك من حقوقهم الأصلية وهي ما تحد من تواصل التعذيب
3. إطلاق سراح جميع المعتقلين فورا وخصوصا النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان لأنهم اعتُقِلوا لأسباب تتعلق بممارستهم لحقوقهم الأساسية في التعبير والتنظيم والتجمع السلمي والتي تضمنها لهم القوانين الدولية
4. وقف العمل فورا بقانون الإرهاب الذي يسمح بالاعتقال التعسفي والتعذيب والمحاكمات غير العادلة، والذي تمت إدانته بشكل صريح من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية
5. إلغاء محكمة الجنايات الكبرى الثالثة والتي تم تشكيلها لتحل محل محكمة أمن الدولة بالتخصص في قضايا النشطاء المعارضين والحقوقيين وهو ما يتعارض مع معايير المحاكمة العادلة التي تتطلب حق المتهم في المحاكمة أمام المحاكم الاعتيادية.